الجليل الجلالة تستعمل في الكلام على وجهين أحدهما جلالة الشأن والمقدار وعظم الخطر وعلى هذا تقول فلان جليل في نفوس الناس وجليل في عيونهم إذا أريد به اعتقاد عظم الخطر وجلالة المحل
وقال الشاعر أجلك قوم حين صرت إلى الغنى وكل غني في النفوس جليل
والوجه الآخر أن يكون المراد به عظم الجثة وكثرة الأجزاء وهذا لا يجوز على الله سبحانه وأصل الجلة كبار الإبل ومنه أخذ الجليل
الكريم الكرم سرعة إجابة النفس وكريم الخلق وكريم الأصل
وحكى الأحول جوزة كريمة أي هشة المكسر وكأن سرعة انكسارها وهشاشتها جعل إجابة منها فشبه بها الكريم من الرجال إذا كان سريعا إلى الخيرات
هذا هو الأصل والله تعالى سبب كل خير ومسهله فهو أكرم الأكرمين
الرقيب هو الحافظ الذي لا يغيب عما يحفظه يقال رقبت الشيء أرقبه رقبة وقال الله تعالى ذكره ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد والمراقبة الاستحياء والحياء ضرب من التحفظ أيضا وهو تعالى الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء
المجيب هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء وقال الله تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني وفي أدعيته يا مجيب دعوة المضطرين
الواسع أصل السعة في الكلام كثرة أجزاء الشيء يقال إناء واسع وبيت واسع ثم قد يستعمل في الغنى يقال فلان يعطي من سعة يراه من غنى وجدة وفلان واسع الرحل وهو الغني وقال الشاعر
رعاك ضمان الله يا أم مالك ولله أن يسقيك أغنى وأوسع
وقال الله عز اسمه لينفق ذو سعة من سعته
الحكيم قد مر الكلام في أصل الحكم في اللغة عند ذكر الحكم فأغنى ذلك عن إعادته ها هنا والحكيم من الرجال يجوز أن يكون فعيلا في معنى فاعل ويجوز أن يكون في معنى مفعل والله حاكم وحكيم والأشبه أن تحمل كل واحد منهما على معنى غير معنى الآخر ليكون أكثر فائدة فحكيم بمعنى محكم والله تعالى محكم للأشياء متقن لها كما قال تعالى صنع الله الذي أتقن كل شيء
الودود هذا يجوز أن يكون فعولا بمعنى فاعل ويجوز أن يكون فعولا بمعنى مفعول والله تعالى وصف نفسه في مواضع بأنه يحب ولا يحب ألا وهو أيضا محبوب مودود عند أوليائه فهو بمعنى مودود
المجيد أصل المجد في الكلام الكثرة والسعة وهو مأخوذ من قولهم أمجدت الدابة إذا أكثرت علفها وفي المثل في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار أي أكثر منها فالماجد في اللغة الكثير الشرف والله تعالى ذكره أمجد الأمجدين وأكرم الأكرمين
الباعث الله تعالى يبعث الخلق كلهم ليوم لا شك فيه فهو يبعثهم من الممات ويبعثهم أيضا للحساب وفي القرآن أئنا لمبعثون خلقا جديدا
الشهيد الشهيد الحاضر يقال شهدت الشيء وشهدت به وأصل قولهم شهدت به من الشهادة التي هي الحضور واليوم المشهود يوم القيامة لأنه معلوم كونه لا محالة فكان معنى الشهيد العالم
الحق يقال حققت الشيء أحقه حقا إذا تيقنت كونه ووجوده وفلان محق أي صاحب حق ومنه قولهم شهدت بأن الجنة حق والنار حق
الوكيل يحكى عن أبي زكريا الفراء أنه كان يذهب إلى أن قولنا الوكيل هو الكافي ونحن لا نعرف في الكلام وكلت ولا وكلت إليه إذا كفيت فلا ندري من أين له هذا القول ولكن الوكيل فعيل بمعنى مفعول من قولك وكلت أمري إلى فلان إذا سلمته إليه والله تعالى موكول إلى تطوله الأمور كما قال الله تعالى وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد
القوي هو الكامل القدرة على الشيء تقول هو قادر على حمله فإذا زدته وصفا قلت هو قوي على حمله وقد وصف نفسه بالقوة فقال عز قائلا إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين
المتين أصله فعيل من المتن الذي هو العضو ويقال ما تنته على ذلك الأمر إذا قاويته مقاواة وهو يفيد في الله سبحانه التناهي في القوة والقدرة
الولي هو فعيل من الموالاة والولي الناصر وقال الله تعالى الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور وهو تعالى وليهم بأن يتولى نصرهم وإرشادهم كما يتولى ذلك من الصبي وليه وهو يتولى يوم الحساب ثوابهم وجزاءهم
الحميد هو فعيل في معنى مفعول والله تعالى هو المحمود بكل لسان وعلى كل حال كما يقال في الدعاء الحمد لله الذي لا يحمد على الأحوال كلها سواه
المحصي يقال أحصيت الشيء إحصاء إذا عددته وقد مر ذكره وإشتقاقه والله تعالى محصي كل شيء فلا يفوته شيء من خلقه عدا وإحصاء كما قال تعالى وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا
المبدي هو الذي ابتدأ الأشياء كلها لا عن شيء فأوجدها ويقال بدأ وأبدأ وهو بادئ ومبدئ
وقال جرير
بدأنا بالزيارة ثم عدنا فلا بدئي جفوت ولا معادي
المعيد هو الذي أعاد الخلائق كلهم ليوم الحساب كما أبدأهم كما قال تعالى
وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه
المحيي الله الذي أحيا الخلق بأن خلق فيهم الحياة وأحيا الموات بإنزال الحيا وإنبات العشب و منهما تكون الحياة
وقال الله عز وعلا الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا
المميت الله تعالى خلق الموت كما أنه خالق الحياة لا خالق سواه استأثر بالبقاء وكتب على خلقه الموت
الحي الحي يفيد دوام الوجود والله تعالى لم يزل موجودا ولا يزال موجودا
القيوم هو فيعول من قام يقوم الذي بمعنى دام لا القيام المعروف وقال الله تعالى ذكره ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما أي دائما والله أعلم القيوم وهو الدائم وكان من قراءة عمر بن الخطاب رحمه الله الحي القيام
الواجد هو الغني والوجد الغنى ويقال فلان غني واجد وقال الشاعر لأحبني حب الصبي ورمني رم الهدي إلى الغني الواجد والله هو الغني فلا يفتقر إلى شيء كما قال تعالى ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء
الماجد قد مر اشتقاقه و وضعه في العربية عند ذكر المجيد وإنما كرر لما ذكرناه من حصول معنى المبالغة في أحد البناءين
الواحد وضع الكلمة في اللغة إنما هو للشيء الذي ليس باثنين ولا أكثر منهما وفائدة هذه اللفظة في الله عز اسمه إنما هي تفرده بصفاته التي لا يشركه فيها أحد والله تعالى هو الواحد في الحقيقة ومن سواه من الخلق آحاد تركبت وأما الكلام في هل هو سبحانه واحد من طريق العدد أم لا فليس مما له تعلق بما نحن فيه إذ الغرض ها هنا ذكر وضع الكلمة وفائدة مقتضاها في الإطلاق
الأحد قال أهل العربية أصله وحد ثم قلبت الواو همزة وهذا في الكلام عزيز جدا أن تقلب الواو المفتوحة همزة ولم نعرف له نظيرا إلا أحرفا يسيرة منها أناة وأحرف نظيرتها ويقال هذا واحد و وحد كما قدمناه من سالم وسلم وحاكم وحكم وقال النابغة على مستأنس وحد وقال بعض أصحاب المعاني الفرق بين الواحد والأحد أن الواحد يفيد وحدة الذات فقط والأحد يفيده بالذات والمعاني وعلى هذا جاء في التنزيل قل هو الله أحد أراد المنفرد بوحدانيته في ذاته وصفاته تعالى الله علوا كبيرا
الصمد قد مر في كتاب التفسير جميع ما فيه مما جاء به الأثر وأصحه أنه السيد المصمود إليه في الحوائج
قال الشاعر
إلى ذروة البيت الكريم المصمد
القادر الله القادر على ما يشاء لا يعجزه شيء ولا يفوته مطلوب والقادر منا وإن استحق هذا الوصف فإن قدرته مستعارة وهي عنده وديعة من الله تعالى ويجوز عليه العجز في حال والقدرة في أخرى والله تعالى هو القادر فلا يتطرق عليه العجز ولا يفوته شيء
المقتدر المقتدر مبالغة في الوصف بالقدرة والأصل في العربية أن زيادة اللفظ زيادة المعنى فلما قلت اقتدر أفاد زيادة اللفظ زيادة المعنى
المقدم هو الذي يقدم ما يجب تقديمه من شيء حكما وفعلا على ما أحب وكيف أحب وما قدمه فهو مقدم وما أخره فهو مؤخر تعالى الله علوا كبيرا
المؤخر وهو الذي يؤخر ما يجب تأخيره والحكمة والصلاح فيما يفعله الله تعالى وإن خفي علينا وجه الحكمة والصلاح فيه
الأول هو موضوع التقدم والسبق ومعنى وصفنا الله تعالى بأنه أول هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها فالأشياء كلها وجدت بعده وقد سبقها كلها وكان رسول الله يقول في دعائه أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء
الآخر هو المتأخر عن الأشياء كلها ويبقى بعدها
الظاهر هو الذي ظهر للعقول بحججه وبراهين وجوده وأدلة وحدانيته هذا إن أخذته من الظهور وإن أخذته من قول العرب ظهر فلان فوق السطح إذا علا ومن قول الشاعر :
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
فهو من العلو والله تعالى عال على كل شيء وليس المراد بالعلو ارتفاع المحل لأن الله تعالى يجل عن المحل والمكان وإنما العلو علو الشأن وارتفاع السلطان
ويؤكد الوجه الآخر قوله في دعائه أنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء
الباطن هو العالم ببطانة الشيء يقال بطنت فلانا وخبرته إذا عرفت باطنه وظاهره والله تعالى عارف ببواطن الأمور وظواهرها فهو ذو الظاهر وذو الباطن
الوالي هذا اسم الفاعل من ولي يلي وتفسيره الذي يلي أمر الخلق ويتولى مصالحهم ويقال للأمير هذا والي بلد كذا لأنه يلي أمورهم ويصلح شؤونهم وولي ووال كعليم وعالم وقدير وقادر
المتعالي هو المتفاعل من العلو والله تعالى عال ومتعال وعلي
البر يقال بررت والدي أبرهما وهو رجل بر بوالديه وذلك إذا أطاعهما والله تعالى بر بخلقه في معنى أنه يحسن إليهم ويصلح أحوالهم
التواب يقال تاب إلى الشيء يتوب توبا إذا رجع
قال الله تعالى غافر الذنب وقابل التوب أي يقبل رجوع عبده إليه ومن هذا قيل التوبة كأنه رجوع إلى الطاعة وترك للمعصية
المنتقم النقمة كراهة يضامها سخط فمن كره أمرا من الأمور مع سخط منه له فهو منتقم وقد كره الله تعالى أمورا وسخط أمورا فهو منتقم
العفو يقال عفوت عن الشيء أعفو عنه إذا تركته وعفا عن ذنبه إذا ترك العقوبة عليه والله تعالى عفو عن الذنوب وتارك العقوبة عليها
الرؤوف يقال إن الرأفة والرحمة واحد وقد فرقوا بينهما أيضا وذلك أن الرأفة هي المنزلة الثانية يقال فلان رحيم فإذا اشتدت رحمته فهو رؤوف
مالك الملك الله تعالى يملك الملك يعطيه من يشاء وهو مالك الملوك والملاك يصرفهم تحت أمره ونهيه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع
ذو الجلال والإكرامالجلالة
والجلال واحد وهما مصدر الجليل من الرجال ومعنى ذو الجلال أنه المستحق لأن يجل ويكرم
المقسط يقال أقسط الرجل إذا عدل وقسط إذا جار وفي التنزيل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين
أراد اعدلوا
وقال الله تعالى وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا
قال أبو علي وهذا مأخوذ من القسط الذي هو النصيب فإذا قيل أقسطه فكأنهم قالوا أعطاه النصف الذي له
الجامع الله تعالى يجمع الخلق للحساب كما قال الله تعالى في كتابه العزيز
الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا
الغني وهو الغني والمستغني عن الخلق بقدرته وعز سلطانه والخلق فقراء إلى تطوله وإحسانه كما قال تعالى والله الغني وأنتم الفقراء
المغني هو الذي أغنى الخلق بأن جعل لهم أموالا وبنين كما قال تعالى وأنه هو أغنى وأقنى
المانع هو الذي يمنع ما أحب منعه ويعطي ما أحب عطاءه فإذا أعطى فتفضل وإصلاح وإذا منع فحكمة وصلاح لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع
الضار النافع هذا كما كنا قدمنا من الاسمين اللذين ضممنا بينهما وذكرنا أن الجمع بينهما أدل على القدرة وتمام الحكمة وكذلك كل اسمين يؤديان بمجموعهما عن معنى واحد والله تعالى ذكره يضر وينفع ويعطي ويمنع ودلالة مجموعهما أن الخير والشر بيده وأنه مسبب كل خير ودافع كل شر وأن الخلق تحت لطفه يرجون كرمه
النور اختلفوا في قول الله تعالى الله نورالسموات والأرض فقال بعضهم الله ذو نور السموات يريد أنه خالق هذا النور الذي في الكواكب كلها لا أنه ضياء لها وأنوار لأجسامها بل أنوار تنفصل من أنوار الله تعالى ويقال إن حول العرش أنوارا لو انفصلت منها شرارة على الأرض لاحترقت الأرض ومن عليها و قال بعضهم بل معنى قوله الله نور السموات و الأرض أي أنه بما بين وأوضح بحججه و براهين وحدانيته نور السموات و الأرض فتقدير الكلام على هذا معرفة الله نور السموات أو أدلته نورها أو براهينه لا يجوز غير هذا
الهادي هو الذي هدى خلقه إلى معرفته و ربوبيته و هو الذي هدى عباده إلى صراطه المستقيم كما قال تعالى و يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
البديع يقال أبدعت الشيء إبداعا إذا جئت به فردا لم يشاركك فيه غيرك و هذا بديع من فعل فلان أي مما يتفرد به و قال تعالى بديع السموات و الأرض أرد به أنه المنفرد بخلق السموات والأرض و هو فعيل بمعنى مفعل
الباقي هو الله تعالى المستأثر بالبقاء وكتب على خلقه الفناء وهو خالق الفناء و البقاء
الوارث كل باق بعد ذاهب فهو وراث أو لم يكن على هذا يدل وضع الكلمة و في الحديث أن رسول الله كان يقول في دعائه متعنا بأسماعنا و أبصارنا و اجعله الوارث منا
الرشيد هو فعيل في معنى مفعل و الله تعالى أرشد الخلق كلهم إلى مصالحهم و أرشد أولياءه خاصة إلى الجنة و طرق الثواب فهو الرشيد
الصبور فعول في معنى فاعل و أصل الصبر في الكلام الحبس يقال صبرته على كذا صبرا إذا حبسته و معنى الصبر و الصبور في اسم الله تعالى قريب من معنى الحليم .
آخر كتاب تفسير الأسامي
و الحمد لله و صلواته على نبيه محمد و آله و سلم تسليماً .